د. عصام العريان يكتب: تحية إلي شيخ الأزهر.. ومرحلة جديدة للجامعة العريقة
Bookmark and Share
الإثنين 19-7-2010

بسم الله الرحمن الرحيم

د. عصام العريان يكتب: تحية إلي شيخ الأزهر.. ومرحلة جديدة للجامعة العريقة


د. عصام العريان

قرأت باهتمام الحوار الممتع الذي أجراه نقيب الصحفيين الأستاذ مكرم محمد أحمد مع شيخ الأزهر المنشور في الأهرام (10/ 7/ 2010م )، وقد تابعت حوارات الإمام الأكبر منذ تولي مشيخة الأزهر قبل شهور، ولا أخفي أنني استبشرت خيراً بجلوس د. أحمد الطيب علي مقعد الإمام الأكبر، فهو أستاذ فاضل وصوفي ذواقة من أسرة كريمة المعتد والنسب لها في طريق المعرفة باعٌ وتاريخ، ومثل هؤلاء الشيوخ في تاريخ الأزهر معدودون، استطاعوا النهوض بالجامعة العريقة وحافظوا علي هيبة مقام الإمام الأكبر، ووقفوا في وجه الحكام بحكمة وقوة ويكفي أن نستحضر منهم في تاريخنا الحديث الإمام الراحل الشيخ الدكتور عبد الحليم محمود غفر الله له، وقد سار علي دربه الشيخ الراحل جاد الحق علي جاد الحق - غفر الله - لهم أجمعين.




وواجب التحية للدكتور الطيب علي سلاسة العبارة، ودقة الفهم، وتلقائية الحوار التي لم تذهب به بعيداً، ورهافة الحس بالأزهر ورجاله والإحاطة الواسعة بمشاكل الأزهر وهموم رجاله والروح الوثّابة التي يلمسها القارئ للنهوض بالأزهر الجامعة والجامع، المؤسسة والرسالة، والإدراك الواعي للمطبات الصعبة التي عانينا منها خلال العقد الأخير بالذات من مواقف بدت شاذة بعيدة علي الفهم ولا يستسيغها المسلم العادي من موقع يشغله الإمام الأكبر - غفر الله له -.

لقد كان الإمام واضحاً ومحدداً، فالأزهر أصيب بانتكاسة بسبب قانون تطويره عام 1960م وزال يعاني، وللشيخ رؤية لمعالجة الآثار السلبية لذلك القانون تتمثل في الإسراع بإنشاء شعبة للعلوم الأزهرية لمن يريد التخصص في تلك العلوم، ولعلنا نعود إلي سيرة السابقين الذين كان أهلهم ينذرونهم للعلوم الشرعية وللقرآن الكريم وللشريعة الإسلامية، ولعل الشيخ يحصل علي نسبة من أوقاف الأزهر الشريف لتشجيع الطلاب علي الانتساب لتلك الشعبة الواعدة والإنفاق عليهم كما كان يجري سابقاً.

ولقد علمت من متابعتي المحدودة لشئون الأزهر أن الشيخ بالفعل خلال الشهور الماضية بذل جهداً كبيراً لوقف التدهور الذي حدث في المعاهد الأزهرية والجامعة العريقة، وأصدر تعليماته بإلغاء مناصب شرفية للعديد من المستشارين الذين أرهقوا ميزانية الأزهر وأنصف بتلك المبالغ المدرسين والعاملين بالمعاهد.

ويكفي للوقوف علي أن الشيخ الإمام له رؤية هو أنه سارع في صمت باتخاذ قرارات إدارية ومالية وسياسية لوقف ذلك التدهور الذي كاد يصيب الأزهر في مقتل ويذهب بالهيبة والمكانة التي احتلها الجامع العريق والجامعة الأقدم في العالم كله في نفوس المسلمين جميعاً.

ولتتأمل معي تلك العبارات القاطعة التي - بلا شك - أثلجت صدور المسلمين بل كل المؤمنين في العالم: اسمعه يتكلم عن الحوار مع اليهود فيقول: « أما بني إسرائيل فيريدون فقط من الحوار استدراج العرب إلي التطبيع دون أن يقدموا شيئاً حقيقياً للفلسطينيين».

«ما ينبغي أن يعرفه العرب والفلسطينيون أن إسرائيل لن تعيد حقوقهم علي طبق من فضة أو نحاس أو ورق، ومن يري غير ذلك فهو في الحقيقة يحلم وعلي الفلسطينيين أن يتحدوا دفاعاً عن حقوقهم المشروعة وأن يستخدموا حقهم المشروع في مقاومة المحتل بما في ذلك المقاومة..».

وعندما سُئل عن سلفه الشيخ طنطاوي غفر الله له، التمس العذر للرجل برقة ولكنه أعلن موقفه الواضح الصريح كإمام جديد للأزهر الشريف قائلاً: «لا أستطيع أن أستقبل الحاخامات (اليهود) ولا أستطيع مصافحة بيريز، ولا أستطيع أن أوجد معه في مكان واحد».

وعندما استفسر منه المحاور زاعماً أن ذلك تشدداً كان حاسماً في رده: « لأنه - أي بيريز - أحد الذين خططوا لعدوان إسرائيل الصارخ علي الشعب الفلسطيني والاستيلاء علي القدس التي أشعر بقيمتها الهائلة، ولو أنني صافحت بيريز فسوف أحقق له مكسباً لأن المعني أن الأزهر صافح إسرائيل، وسوف يكون ذلك خصماً من رصيدي، وخصماً من رصيد الأزهر لأن المصافحة تعني القبول بتطبيع العلاقات وهو أمر لا أقره إلا أن تعيد إسرائيل للفلسطينيين حقوقهم المشروعة».

ورغم تمسكه بالوحدة الوطنية وإعلانه حقوق المواطنة الكاملة لكل مواطني الدولة علي اختلاف أديانهم إلا أنه قال بحسم:

«من العدل أن يكون منصب رئيس الجمهورية من نصيب الأكثرية المسلمة كما هو الحال في كل الدنيا».

وعندما سُئل عن تطبيق الشريعة الإسلامية أقّر بأنّ هناك أموراً لا تُطَبق فيها الشريعة موضحاً:

«نحن في مجتمع مسلم، ومن ينكر ذلك فهو آثم، والأمور التي لا يتم فيها تطبيق الشريعة في مصر تدخل في باب المعصية أو باب الطاعة، ولا تدخل في باب الإيمان والكفر».

وعن السنة والشيعة قال:

«الفروق بين (السنة والشيعة) ليست جوهرية، هم يؤمنون بالله الواحد الصمد، ونحن نؤمن به، ويتبعون محمداً كما نتبعه، ويقدسون القرآن الذي نقدسه، ويمكن أن نصلي خلف أئمتهم ويصلون خلف أئمتنا».

وقال عن الحروب بين الشيعة والسنة عندما سُئل: هل يجوز حربهم؟

«الحرب بين السنة والشيعة فتنة كبري وحرام حرام».

كانت في الحوار تلقائية شديدة أدّت إلي بعض الهنات التي سارع المتحدث الإعلامي باسم الشيخ إلي تصحيحها فوراً في اليوم التالي لنشر الحوار بالصفحة الأولي من الأهرام الأحد 11 / 7 عن الشيخ الإمام العلامة يوسف القرضاوي، وعن قناة «أزهري» الفضائية وبقيت في الحوار مسألة تحتاج من الإمام الأكبر إلي مزيد من التوضيح، وهي المتعلقة بالسلفية والسلفيين والوهابية، ولعل الشيخ يعود في حوارات مقبلة لمزيد من التوضيح، فلا شك أننا جميعاً سلفيون، ولكن هناك من خرج بالسلفية إلي أمور عجيبة وشاذة بعيداً عن وسطية الإسلام واعتداله، ولا يجوز جمع الجميع في سلة واحدة.

يبقي أن حوار السبت 10 / 7 / 2010 م مع الإمام الأكبر في الأهرام سيظل نقطة فاصلة وبداية الإعلان عن مرحلة جديدة في تاريخ الأزهر الشريف الجامع العريق والجامعة الأم التي تشرفت بالتخرج فيها دارساً للشريعة الإسلامية.

وهنا أودّ من الإمام الأكبر أن يذلل الصعوبات والعقبات من طريق الراغبين في الدراسة بالأزهر العظيم من خريجي الجامعات الأخري كما حدث في عهد سلفه العظيم الشيخ جاد الحق - رحمه الله -.

أخي أسامة سليمان: شفاك الله

اجتمع علي الأخ الحبيب د. أسامة سليمان السجن وفراق الأهل وإغلاق مصادر الرزق وأخيراً المرض في القلب بجانب أمراض أخري.

ظلم مضاعف يتحمل وزره كل من شارك فيه بادّعاء كاذب وتهم باطلة وإحالة إلي محكمة غير مختصة استثنائية وإصرار علي الحبس رغم الإفراجات القضائية.

ولكن رحمة الله أوسع، ورجاؤنا فيه ليس له نهاية.

فرج الله كربك يا أسامة، وشفاك من مرضك، وردّك إلي أهلك وأعاد إليك أموالك كاملة غير منقوصة، إنه علي كل شيء قدير.

منع كتب المودودي في بنجلاديش

لم تكتف الشيخة حسينة - رئيسة وزراء بنجلاديش - بإعدام جنرالات وقفوا ضد أبيها انتقاماً منهم، بل اعتقلت رئيس الجماعة الإسلامية بالبلاد وأمينها العام وعدداً من قيادتها.

وكان آخر الإجراءات القمعية إصدار أمر إلي كل مكتبات البلاد التي تزيد علي 23 ألف مكتبة بحجب كتب العلاّمة الكبير الإمام المودودي - رحمه الله -، وهي منتشرة منذ عشرات السنين في كل بقاع الدنيا ولم يكن هناك إرهاب ولا عنف، وإلصاق العنف والإرهاب بها هو هراء لا يستند إلي دليل، والجماعة الإسلامية في باكستان والهند وبنجلاديش مثال الوسطية والاعتدال ومؤسسها هو المودودي - رحمه الله -.

المشكلة سياسية في الأصل لأن الجماعة الإسلامية كانت ضد انفصال بنجلاديش عن باكستان، وهو الانفصال الذي قاده إليه رابطة «عوامي» التي أسسها الشيوعيون والعلمانيون بزعامة والدها، كما كانت في الأصل مع وحدة شبه القارة الهندية قبل أن تتفاقم الأحداث وتضطر إلي الانقسام والرحيل إلي باكستان وبقي من بقي منها ليواصل مسيرة العمل الإسلامي في الهند.

التسميات: | edit post